وبينما كان أحدهم جالساً وقف شاعر بين يديه, فأنشده شعراً مدحه فيه, فلما انتهى قال له أحسنت ثم أقبل على كاتبه وقال أعطه عشرة آلاف درهم, فسرّ الشاعر لذلك, فلما رآه مسروراً, قال لكاتبه: اجعلها عشرين ألفاً, فتضاعف فرح الشاعر فقال لكاتبه: أعطه أربعين ألفاً.
ثم خرج الشاعر لحاجةٍ, فأقبل الكاتب على سيده, و قال: سبحان الله! لقد كان يرضى منك بأربعين درهماً, فإذا بك تأمر له بأربعين الفاً! فقال سيده: وتريد أن تعطيَه شيئاً؟ هذا رجل سرنا بكلام, و سررناه بكلامٍ, فقد كذب حين زعم أني أجمل من القمر و أكرم من البحر, و أنا أسره بالقول, وآمر له بالجائزة, و لا أعطيه شيئاً, فيكون قولٌ بقولٍ, فأمّا أن يكون كذبٌ بصدقٍ, وقولٌ بفعلٍ, فهذا هو الخسران المبين