عندما أعلنت هيئة أبو ظبي للثقافة و التراث عن مسابقة أمير الشعراء وجدنا في المشروع خطوة متميزة على كل المستويات باعتبارها هيئة حكومية متخصصة بالثقافة و التراث ؛ ليس لها مطامع مادية ، بل على العكس فإنها ستتكبد خسائر كبيرة من أجل إنجاح المشروع الذي لن تجني منه سوى الاسم. أما الأرباح فهي للشركة التلفزيونية المنتجة. و للشعراء الفائزين بالجوائز. وهكذا يخطر في بال كل شاعر أن الموضوع جد لا يحتمل الهزل ، وحق لا يدخله الباطل ، و (كل امرئ بما كتب رهين) حيث (لا تنفع شفاعة الشافعين) و لا وساطة المتنفذين للمتسلقين.
الشعراء البسطاء
لانعني هنا البسطاء مضمونا وإنما هم الشعراء الذين يمتلكون إبداعا شعريا و قدرات فنية لا تساندها سلطة قريب و لا جاه حبيب ، وتحكمهم مبادئ لا يرضون أن يذبحوها على أعتاب القائمين على النشر ، و لا يدوسون عليها للتسلق إلى إرضاء الجالسين على سدة النقد ممن جعلوا للنقد معايير أساسها الهوى و وجهات نظر لا يسمحون لمن خالفهم فيها أن يظهر أو يقف على منبر. فسدت في وجوههم سبل النشر و أغلقت أبواب الصحف ، فبقي إبداعهم مكبوتا في أوراقهم و دفق مشاعرهم سجين دفاترهم .
الشعراء و المسابقة
و عندما أعلنت الهيئة التي لا يخفى على أحد نزاهتها و صدق توجهها عن المسابقة انفتح باب الأمل أمام الشعراء البسطاء و غير البسطاء و المستشعرين ، فراحوا يتسابقون لإرسال ثمرات فنهم و حرقة أكبادهم و نتاج فكرهم و خلاصة إبداعهم متشوفين في المسابقة مجيرا لهم يوم لات مجير.
و كان مما زاد أملهم أن الهيئة قصرت القبول على الشعر العمودي و شعر التفعيلة ، مما أقصى المتشاعرين عن المسابقة نهائيا. و اختارت الهيئة لجنة مكونة من عشرة من كبار الأدباء و النقاد لفرز النتاجات و انتقاء مائتي قصيدة من بين خمسة آلاف و أربعمائة ، و كانت اللجنة مثالا في النزاهة فاختارت القصائد التي رأت فيها إبداعا أعلى من خلال قواعد نقد صحيح و ذوق سليم.