الشاعر
عدد الرسائل : 144 العمر : 58 الرسالة :
تاريخ التسجيل : 27/11/2008
| موضوع: كتاب صيد الخاطر - ابن الجوزي الأحد ديسمبر 14, 2008 7:14 am | |
| حظي "ابن الجوزي" بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، كما برز في كثير من العلوم والفنون، وبلغت مؤلفاته أوج الشهرة والذيوع في عصره، وفي العصور التالية له، ونسج على منوالها العديد من المصنفين على مر العصور. هو "أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن جعفر" وينتهي إلى "أبي بكر الصديق" رضي الله عنه. ولد ببغداد سنة [ 510هـ= 1116م] وعاش حياته في الطور الأخير من الدولة العباسية، حينما سيطر الأتراك السلاجقة على الدولة العباسية. وقد عرف بابن الجوزي لشجرة جوز كانت في داره بواسط، ولم تكن بالبلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز" وهي مرفأ نهر البصرة. وقد توفي أبوه وهو في الثالثة من عمره فتولت تربيته عمته، فرعته وأرسلته إلى مسجد " محمد بن ناصر الحافظ" ببغداد، فحفظ على يديه القرآن الكريم، وتعلم الحديث الشريف، وقد لازمه نحو ثلاثين عامًا أخذ عنه الكثير حتى قال عنه: "لم أستفد من أحد استفادتي منه". كان "ابن الجوزي" علامة عصره في التاريخ والحديث والوعظ والجدل والكلام، وقد جلس للتدريس والوعظ وهو صغير، وقد أوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، وكان مع ذيوع صيته وعلو مكانته زاهدًا في الدنيا متقللا منها، وكان يختم القرآن في سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى المسجد أو المجلس، ويروى عنه أنه كان قليل المزاح. يقول عن نفسه: "إني رجل حُبّب إليّ العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها، ثم لا تقصر همتي في فن على بعضه، بل أروم استقصاءه، والزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والماق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى بعض الحسرات". بدأ "ابن الجوزي" تجربة موهبته في الوعظ والخطابة في سن السابعة عشرة، وما لبث أن جذب انتباه الناس فأقبلوا على مجلسه لسماع مواعظه حتى بلغت شهرته في ذلك مبلغًا عظيمًا، فلم يعرف تاريخ الوعظ والمجالس الدينية ـ على مر العصور ـ مجلسًا كمجلس "ابن الجوزي" يحفل بعدد هائل من المريدين يصل إلى عشرة آلاف رجل. وكان يحضر مجلسه الخلفاء والأمراء والسلاطين والوزراء، وكان مجلسه بإزاء داره على شاطئ "دجلة" بالقرب من قصر الخليفة، فكانت الأرض تُفرش بالحصير ليجلس عليها الناس، ثم يصعد "ابن الجوزي" المنبر، ويبتدئ القرّاء بقراءة القرآن، يتناوبون التلاوة بأصوات شجية مطربة، فإذا فرغوا من التلاوة بدأ "ابن الجوزي" خطبته، فتناول فيها تفسير الآيات التي تلاها القراء، فيأخذ بألباب وعقول سامعيه، ينظم فيها عقود الحكمة ورقائق الزهد والمواعظ، بما يرقق القلوب ويحرك الأشجان، فتدمع العيون، وتخشع النفوس، وتذوب المشاعر في خماع وجلال للخالق العظيم يحركها الماق والوجد والإيمان. مؤلفاته تميز "ابن الجوزي" بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو ثلاثمائة مصنف شملت الكثير من العلوم والفنون، فهو أحد العلماء المكثرين في التصنيف في التفسير والحديث والتاريخ واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم، ومن أشهر تلك المصنفات: أخبار الظرّاف والمتماجنين. أخبار النساء. أعمار الأعيان. بستان الواعظين. تلبيس إبليس. تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير. تاريخ بيت المقدس. تحفة المودود في أحكام المولود. الثبات عند الممات. جواهر المواعظ. الجليس الصالح والأنيس الناصح. حسن السلوك في مواعظ الملوك. ذم الهوى. زاد المسير في علم التفسير. سيرة عمر بن عبد العزيز. صفوة الصفوة. صيد الخاطر . الطب الروحاني . فنون الأفنان في علوم القرآن. كتاب الأذكياء. كتاب الحمقى والمغفلين. لطائف المعارف فيما للموسم العام من الوظائف. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. مناقب عمر بن الخطاب. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم. الناسخ والمنسوخ في الحديث. الوفا في فضائل المصطفى. اليواقيت في الخطب. كان "ابن الجوزي" شاعرًا مجيدًا إلى جانب كونه أديبًا بارعًا وخطيبًا مفوهًا، وله أشعار حسنة كثيرة، منها قوله في الفخر: مازلت أدرك ما غلا بل ما علا ** وأكابد النهج العسير الأطولا تجري بي الآمال في حلباتـه ** جري السعيد إلى مدى ما أمّلا لو كان هذا العلم شخصًا ناطقًا ** وسألته: هل زار مثلي؟ قال: لا ومنها قوله في الزهد والقناعة: إذا قنعت بميسور من القوت ** بقيت في الناس حرًا غير ممقوت يا قوت يومي إذا ما در خلفك لي ** فلست آسي على در وياقوت وأوصى أن يُكتب على قبره: يا كثير العفو عمن ** كثر الذنب لديه جاءك المذنب يرجو ** الصفح عن جرم يديه أنا ضيف وجزاء ** الضيف إحسان لديه وفاته توفي "ابن الجوزي" ليلة الجمعة [ 12 من رمضان 597هـ= 16 من يونيو 1200] عن عمر بلغ سبعا وثمانين سنة بعد أن مرض خمسة أيام، فبكاه أهل بغداد، وازدحموا على جنازته، حتى أقفلت الأسواق، فكان ذلك يومًا مشهورًا مشهودًا، يشهد بمكانة "ابن الجوزي" وحب الناس له. سمير حلبي- إسلام أون لاينحمل الكتاب من هنا | |
|