نور الدين علي الخواص البرلسي.
شيخ تربى على يديه أئمة وأعلام وحسبك ان من تلاميذه الإمام عبد الوهاب الشعراني..
يقول العلامة المناوي في الترجمة الشخصية للخواص ( وكان في ابتداء أمره يبيع الجميز وهو شاب عند الشيخ إبراهيم المتبولي , ثم أذن له ان يفتح دكان زيات , فمكث بها نحو أربعين سنة , ثم ترك , وصار يضفر الخوص ويبيعه حتى مات ). كما انه نهل من مورد شيخ آخر هو سيدي محمد ابو البركات الخياط : وهو الذي دفن الشيخ الى جواره سنة949 هـ .
ومن عجيب موعظة الخواص لنفسه أنه احتفر في بيته قبرا يتمدد فيه صباح كل يوم ويتخيل نفسه قد مات ودفن في هذا القبر ، ثم يتخيل الملكين وقد جاءا لسؤاله ومحاسبته فيصرخ: ( ربِّ ارْجـِعـون ِ لـَعَـلـّي أعْـمَـلُ صـالِـحـًا فيـمـا تـَرَكْـتُ ) ... ( ربِّ ارْجـِعـون ِ لـَعَـلـّي أعْـمَـلُ صـالِـحـًا فيـمـا تـَرَكْـتُ ) ... ( ربِّ ارْجـِعـون ِ لـَعَـلـّي أعْـمَـلُ صـالِـحـًا فيـمـا تـَرَكْـتُ ) ...
ويظل يردد الآية وهو يبكي وينتحب في رجاء حار حتى يأخذ منه التعب كل مأخذ. عندها يستوي قاعدا في القبر ويقول: " هـا نـَحْـنُ أرْجَـعـناكَ يا عليُّ لِـنـَرى مـا أنتَ فاعِـلٌ "
فيقوم من قبره إلى أعماله اليومية لا أحد أخـْوَفُ منه لله ولا أحدَ أحرص منه على الطاعة وأبْـعَـدَ عن المعصية. فيمضي يومه في مراقبة لله وارتقاب لحظة الدخول في قبره المرة القادمة في صباح اليوم التالي بإرادته ، أو ربما بعد لحظات بغير إرادته. فتبقى خشية الله واعظا له في قلبه، ومخافته ميزانا يقوم به عمله ومعاملاته، ويثبت طوال يومه على عهده (( ربِّ ارْجـِعـون ِ لـَعَـلـّي أعْـمَـلُ صـالِـحـًا فيـمـا تـَرَكْـتُ ) متذكرا مِنـّة َ الله عليه هذا الصباح ؛ " هـا نـَحْـنُ أرْجَـعـناكَ يا عليُّ لِـنـَرى مـا أنتَ فاعِـلٌ " وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل:
( كفى بالموتِ واعظـًا).