هل أنت إسلامي أي (إرهابي) أم مسلم أي (مستسلم)؟
الإسلام: هو الاستسلام لله بالطاعة و الخضوع و فعل ما أمر به و اجتناب ما نهى عنه ، فهل نحن مسلمون لله أم لأمريكا؟
الولاء و البراء جزء من العقيدة الإسلامية ، فهل أعلنت ولاءك لأمريكا و براءتك ممن عاداها؟
هل أنت مستعد لإعلان براءتك من تاريخ مشرِّف يُشكل ركنا أساسيا من دينك؟
اقترنت تسمية الإرهابيين بمعنى (المخربين) أو (أعداء السلام) بنا نحن المسلمين منذ عدة سنوات مع أننا مساكين أكثر من المسكنة و أذلاء إلى أبعد الحدود، احتلت أراضينا و نحن صامتون ، و انتهكت أعراضنا ونحن نتفرج دون أن نحرك ساكنا ، و استبيحت حرماتنا وكأن شيئا لم يكن.
فحاولت السباحة في بحر الذاكرة في نوع من الاستكشاف و ربط الأشياء ببعضها لعلي أجد صورة حقيقية لواقع مرير نعيشه منذ عقود ؛ فما معنى الإرهاب؟ ولماذا نحن إرهابيون؟
الإرهــاب عــبــر الـعـصـور
مصطلح الإرهاب بمعنى الترهيب مصطلح قديم تعاملت معه الناس و تعاملت مع بعضها على أساسه أفرادا و جماعات ، حكاما و محكومين ، دولا قوية و أخرى ضعيفة. و هو أساس في حفظ النظام و صيانة الحقوق و المحافظة على تطبيق النظم و إقامة الشرائع و تطبيق التشريعات.طــــور الـتـلـويـــــح
و هكذا ترى الأب إذا حاول ولده الصغير خرق شيء من النظم البيتية أو الاجتماعية يرفع يده أو عصاه ملوّحا و مذكرا بالعقوبة ، فيتراجع الولد عن المخالفة حين يتخيل العقوبة و عدم قدرته على احتمالها. و من هنا جاء قول النبي صلى الله عليه و سلم : (علـّقوا السّـوط بحيث يراه أهل البيت).طــــور الــتــنـــفـــيــذ
و عندما يكبر هذا الطفل يذهب للمدرسة ليجد بيد المعلم عصـًا غير العصا التي يلوح بها والده. لكن إذا تذاكى هذا الطفل و ظن أن العصوين كلتيهما متشابهتان شكلا و مضمونا و أن الغرض منهما التلويح فقط كما تعود في البيت فإنه لن يعبأ بالقوانين المدرسية ، فيخرقها متى وجد حاجة لذلك. و هنا يفاجأ بأن هذه العصا ليست للتلويح و إنما للعقاب عند خرق النظم.طــــور الـعــقـــوبـــــة
و يكبر الطفل ليجد من حوله عقوبات أشد لمن يخالف النظام قد تصل إلى الإعدام. و عندما ينظر في الموضوع نظرة تجريدية متفكرة يجد أنها ليست عقوبة بقدر ما هي صيانة للنظام و حفظ للحقوق و منع للفساد. و هذا سر قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ..}البقرة179
فالقصاص = حياة. استقرار و أمان للمجتمع ؛ فمن لوحت له بالعقوبة اجتنب الوقوع في الجريمة ، و العاقل من اعتبر بغيره.جــرائــم كـبـرى
و يكبر هذا الذي كان طفلا ليجد أن هناك جرائم أكبر من مجرد اعتداء طفل على حلوى زميله في الفصل الدراسي. و أكبر من رشوة موظف أو حتى قتل إنسان غضبا أو انتقاما أو طمعا. إنها جرائم شعوب و دول تطمع في السيطرة على بعضها و وضع أيديها على مقدرات الآخرين و احتلال أراضيهم و استنزاف خيراتها و استعباد أهلها و تسخيرهم. و لا يحتاج الأمر إلى سرد تاريخي فهذه ليست سمة عصر بعينه ، و إنما هي دائمة مادام الشر موجودا على الأرض متمثلا بشياطين الجن و الإنس على السواء. و من هنا كان لا بد لكل تجمع بشري أو دولة أن تتخذ أسباب القوة لحماية نفسها من هؤلاء و أتباعهم. و من هنا نجد الله سبحانه يصرح بكلمة الإرهاب في اتخاذ أسباب الحماية و المنعة في قوله سبحانه: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ}الأنفال60 فالإرهاب هنا بمعنى التلويح للعدو و لمن يفكر في الاعتداء بالقوة الموجودة و العتاد ليهابوا الاعتداء و لا يفكروا به.الإرهاب في العصر الحاضرقال اليهودي (إسحاق رابين) في مؤتمر صحفي : إن أعداء السلام في العالم هم (المتطرفون) ، و على الدول الساعية لتطبيق السلام في العالم أن تقضي على المتطرقين لتحقيقه و نشره. و هنا كانت أول إشارة إلى المسلمين من طرف غير خفي ، بل و يكاد يكون صريحا بأن على دول العالم أن تتوجه للقضاء على المسلمين لأنهم يشكلون خطرا على السلام في العالم ، فكنّى عن المسلمين بالمتطرفين.
و الأمريكان بدورهم كانوا يفكرون بالأمر بدون تصريح ، فمارست أمريكا و أذنابها الضغط على المسلمين لإضعافهم، و تحولت إلى نشر المفاسد بين المسلمين بانتظار ردود الفعل الإسلامية. و بنت ليبيا مفاعلها النووي فتم إحراقه. و بنت العراق مثله فتم تدميره. و كتب شارون مقالا في صحيفة إسرائيلية يقول فيه: إن صلاح الدين الأيوبي ظهر في ظروف عربية و إسلامية مشابهة لهذه الظروف ، لذا فإنه يخشى من ظهور صلاح دين جديد في هذا العصر. و قام بنفسه بسبر أغوار المسلمين فدخل المسجد الأقصى ، و تحركت الثورة في فلسطين. لكن في فلسطين فقط و لم تكشف الهزة العظيمة عن وجود صلاح دين جديد.الاتـهـام و الإدانــة
و جاءت ساعة الصفر في أحداث سبتمبر لتطلق إثرها أمريكا العبارة التي ادخرتها عقودا ؛ صرخت بملء فيها : الإسلاميون إرهابيون !! ولست أدري هل كان اختيار كلمة (الإسلاميون) بدلا من كلمة (المسلمون) دهاء من أمريكا أم من أدواتها الذين ترجموها لشعوبهم ؟ و على كل حال المقصود من هذا الاختيار للكلمة الإيحاء للمسلمين بأنهم ليسوا جميعا مقصودين و إنما (الإسلاميون) فقط ؛ أي الذين يدعون للإسلام و يدافعون عنه و ينشرونه ، و الذين يرون فيه منهجا للحياة لابديل عنه للناس (بمعنى المتطرفين الذي ذكره رابين). وهكذا تم تصنيف بعض العلماء على أنهم إرهابيون من أمثال عبد المجيد الزنداني رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في العالم ، و هو رجل علم لم يحمل سلاحا و لم ينتسب لجماعة مجاهدة ، و لم يكن له من ذنب سوى أنه حمل سلاح العلم و الإيمان فأسـلم على يديه جماعة من العلماء و المفكرين الكبار من أوربا و أمريكا نفسها.ردود الفـعـل الإسـلامـيـة
و على الأثر سارعت بعض الحكومات الإسلامية لتثبت براءتها من (الإسلاميين) و حثت خطباء المساجد على الدعوة لمناصرة أمريكا في محاربة (الإسلاميين) ، تغابيا و ليس غباء. و منع الدعاء على المنابر للمجاهدين وعدم القنوت في الصلاة للدعاء على أمريكا. بل إن بعض الذين كانوا يلعنون أمريكا في المحافل و المؤتمرات سارعوا ليقدموا (الولاء) لها ، و يعلنوا (البراء) من الإسلاميين (الإرهابيين) - و طبعا (الولاء و البراء) جزء من العقيدة الإسلامية- بينما راح فريق من العلماء يؤكدون أن الإسلام دين السلام و الذلة و المسكنة ليس فيه تشريع قتل و لا قتال ولا رد العدوان بالعدوان.ردود فـعـل الشـعـوب
و لم تكن بعض الشعوب أرفع قدرا من حكوماتها إذ أن بعضهم أحرق الكتب الموجودة في بيته بدءا من الأربعين النووية (على ضوء ما حصل مع تيسير علوني) و انتهاء بكتب التربية الإسلامية المدرسية التي لم تحذف حكوماتها مصطلحات الجهاد و الأحاديث التي تحث عليه. بل إن بعضهم منع أبناءه من حضور حلقات القرآن في المساجد و ربما صلاة الجماعة ، و لو اضطر لترك دينه برمته ليصرف عنه كلمة (إسلامي) لفعل حرصا على ماذا ؟ {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}البقرة96 قال أهل العلم : إن دلالة التنكير في كلمة (حياة) تعني أي حياة حتى لو كانت على حساب الكرامة ، أو في ظل الفقر و الذل .و ذلك لأن الدين بالنسبة لهم مظهر من المظاهر الاجتماعية ، أو طراز ثوب يمكن خلعه و استبداله عند الضرورة. لم يعش في قلبه ، و لم يعمل له في حياته. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم دينك لحمك و دمك) ، ولكن أنى لهؤلاء أن يعرفوا ..المطالبة بتنازلات أكثر