بسم الله الرحمن الرحيم
على موقع (الساخر) تم نشر قصيدة الأميرة الشرقية للشاعر عبد الجليل عليان وكان للشاعر عبد الجليل تعليق على قصيدة لشخص مسجل باسم (هندي أحمر) يمدح بها (بوش) ويعتبر غزوه لبلادنا مكسبا لنا فظهرت خفايا هذا الشخصز فتصدى له الشاعر عبد الجليل بأسلوبه الأدبي الهادئ ، لكن هندي رد له الصاع بتعليق على قصيدة الأميرة الشرقية تجنى فيه على القصيدة وطعن في أجمل تعابيرها ومواطن الإبداع فيها. فكتبت هذا التعليق:
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا أرجو أن لايكون تعليق (هندي أحمر) على قصيدة الشاعر عبد الجليل عليان سوى رد فعل انتقامي لتعليق الشاعر عبد الجليل عليان على قصيدته في مدح (بوش) الصليبي الكافر. وأما قصيدة الأميرة الشرقية فقصيدة وجدانية تحمل آلام و آمال أمة يجسدها شاعر متمكن غيور على أمته حريص على مصلحتها. ومن الناحية الفنية ..القصيدة أكثر من جميلة. ولا أريد الوقوف على مواطن جمالها بقدر ما أريد مناقشة النقاط التي تناولها (هندي) والتي هي من مواطن الروعة في القصيدة فجعلها من خلال رؤيته هنات و مواطن ضعف. القلم أمانة يا إخوتي ، والنقد نزاهة لا دخل فيها للمشاحنات و ردود الفعل الناجمة عن تباين المواقف واختلاف وجهات النظر، ومن أمسك بالقلم ليكتب نقدا فعليه أن يضع نصب عينيه الهدف السامي الذي يجسده الأدب عبر مسيرة القرون. ويحكم من خلال وجدانه بنزاهة مطلقة.
و أبدأ بالنقاط التي تناولها (هندي) على الترتيب:
قال: (والشمس تشرق و الدجى أشلاء) عبارة عادية مباشرة لا إبهار فيها كما أن (الدجى أشلاء) لا تعبر عما أردته وهو أن الليل و إن تولى فقد بقي منه بقية هي هذه الأشلاء وهذا لا يتوافق أبدا مع الشمس تشرق إذ بمجرد شروق الشمس يكون الليل قد انمحا.
يبدو لي أن هندي تجنى بشكل واضح لأن كل ذي ذوق يدرك أن الصورة ليست عادية بل هي رائعة إن لم نقل مبتكرة؛ فلك أن تحلق في هذا الكون المفتوح و تطلق خيالك مبحرا في أجواء هذه الصورة.
نحن نعرف أن الفجر يسبق إشراق الشمس حيث يمزق ظلمة الليل فيجعله أشلاء (أي بقايا ظلمة) والشمس تشرق على هذه الحال و قد دل عليها الشاعر بواو الحال (والشمس).
ثم أين المباشرة في العبارة؟ ألم تر أن الشاعر أراد أن يقول لك :إن الليل مخيم بظلمته على الكون قاتما يجسد يأسا لا تلوح معه بارقة أمل ،ثم طلع الفجر فمزق جسده الداجي وفرقه نقاطا منتشرة هي بقاياه (أشلاء) ثم أشرقت الشمس لتمحو هذه البقايا نهائيا، وتجلو صفحة الكون البيضاء النقية. فقال: (والشمس تشرق و الدجى أشلاء). فاختزل بالكلمات القليلة عبارات كثيرة.
وقال: (ومعي ملوك الشعر من أهل التقى) قال (هندي): هم فقهاء إذا لاشعراء!! وماذا يضر؟ الشعر موهبة لا تمنع من طلب العلم. والفقه علم مثل الحقوق عند شوقي والطب عند إبراهيم ناجي وعلم الكلام عند أبي تمام والهندسة والأدب وغيرها عند الشعراء. فهل يجب أن يكون الشاعر محدود الثقافة كي يسمى شاعرا؟! هذا هراء. ثم أضف (هندي): وهل أنقص شعر حسان بن ثابت رضي الله عنه إلا الإسلام؟ وهذا الكلام مردود على المستشرقين الذين رددوه ثم هو مردود على من ردده ببغاويا دون أن يستند إلى دليل.
فشعر حسان في الجاهلية فيه روائع و فيه هوابط ، وكذلك شعره بعد الإسلام ، وكذلك كل شاعر خلال مراحل حياته. ولك أن تقرأ النقد الذي وجهه النابغة لشعر حسان رضي الله عنه في الجاهلية وهو يفتخر في سوق عكاظ ، واقرأ بعدها أفخر بيت قالته العرب ولن يبلغ مداه شاعر هو البيت الذي يقوله حسان رضي الله عنه: (جبريل تحت لوائنا و محمد) وهو بيت قاله في الإسلام.
ولم يذكر الشاعر انتقاصا من قدر المتنبي ولا إبلاغ أبي فراس مالا ينبغي له فلست أدري لماذا يُُقـَوِّلُ هنديٌّ الشاعرَ العربيَّ ما لم يقل؟
(ومعي البحور وهذه الأشياء) قال(هندي): هبوط اضطراري. وأنا أرى العكس فالشاعر في قصيدته كان يعيش حالة الترحال التي يصفها فهي ارتحال معاصر لأمة عبر تاريخ فاختزل في (هذه الأشياء) ماضيا عريقا يمثله علماء و شعراء و فرسان ، وحاضرا صفيقا أبرز معالمه تنكر الأبناء الفجرة لما قدم الآباء البررة، فلما قال: (هذه الأشياء) التفت إليها بحكم اسم الإشارة للقريب (هذه) فلما التفت إليها شده منظر الرحيل الشامل فراح يعددها.
الشعر لا يقرأ بنصف إنسان (العقل أو القلب) لأنك لن تفهمه إلا إذا قرأته كإنسان بالعقل و القلب معا ، الشعر نتاج فكر متفاعل مع العاطفة فلا يمكن أن تقرأه بأحدهما في معزل عن الآخر.
و بقية ما علق عليه حول القصيدة لا يعدو عما وقفت عليه باستثناء (ههاء) و لعل الشاعر استقاها من ثقافته لكني لم أعرفها . أما إن كان اخترعها فنرفضها لأن الشعر تعبير باللغة و ليس بالرموز. ولاشيء غير ذلك فلن أطيل على القارئ .
لكن لي تعليقا على قوله: البعد بين الدعي و الحناء أبعد مما بين العرب و تخصيب اليورانيوم !! أستغفر الله إن خطر لي أنني ألمس شعوبية معلنة و ؟؟؟؟؟ مبطنا فلا أظن هذا الهندي من الذين انبهروا بالمدنية الغربية وسيطرت على نفوسهم الدنيئة مصالحهم الفردية فراحوا يقيّمون تاريخ أمتنا العزيز من واقعهم المهزوم. ثم يحنون هاماتهم الوطيئة لكل من يحقق لهم حلما، بل لكل من يشمون عنده رائحة اللحم كما تشمشم الكلاب في الهواء و يلصقون بمظانها فيتذللون و يعوون بصوت خفيض ممطوط مسترحمين و يمسحون الأحذية بألسنتهم. كمالا أظن أن من مظاهرالسقوط أنه حين اختار لنفسه اسما غير الذي سماه به والداه اختار غير العرب فسمى نفسه (هندي أحمر) لا لاأظن ذلك مطلقا لأنه ما انتقص من العرب أحد إلا وكان أصلا من سباياهم يحمل حقدا دفينا عجز عن إطفاء ناره أو إخفاء أواره. و كل من يعتقد أو يدعي أنه عربي وينتقص من العرب أو يشتمهم أو يسيء إليهم فأنا أتحداه أن يصرح باسمه الحقيقي ، لأنه لو فعل أبرز له من يعرفه تاريخه وكشف له ما خفي من نسبه. لأننا نعرف أنه حتى الخنزير لا يرى عارا في أصله و لا يتنكر لأهله. وعلى مدى التاريخ ما أبغض العرب إلا من كان من غيرهم حاقدا كبشار بن برد ،أو حاسدا من أمثال سهل بن هارون ،أو شخصا مدخولا في نسبه كأبي نواس أو مطعونا في شرفه ساءه ما تفخر به العرب من شرف و صون عرض يموتون دونه فراح ينتقص منهم و من قيمهم من أمثال حماد عجرد في الماضي أو السفلة والشاذين في الحاضر.
العرب أصدق واعد و أرحم فاتح وأخف ضيف و أكرم مضيف وأنقى سريرة وأطيب قلبا وأكثر التزاما بالمبدأ وأصدق عاطفة و أحسن معشرا وأقل مخاتلة و أندر خيانة وأجل نفوسا وأبعد همما وأطهر فرشا وأشرف تاريخا من الذين يحاول السفلة أن يلتصقوا بهم. والعرب ليسوا بعيدين عن الحضارة بل كانوا صناعها عندما كانوا عربا خلصا ، لكن عندما تهجنت شعوبهم بالعناصر(الهنديــــــة) وغيرها سيطر عليهم الجهل وغلبت عليهم الشهوة وتعلموا من تلك العناصر فن الكولكة و النفاق لمن غلب أو سيطر أو احتل بلادهم لكنهم أبدا لم يتعلموا تقبيل الحذاء الذي يدوس عليهم كما يقول البعض في قصائدهم لمن انتصر على قومهم بأنه شرف شواربهم و لحاهم بحذائه حين داس عليها. و (على ضوء ما درج في المجتمع العربي أن اللحية و الشوارب تجسدان كرامة الإنسان و شرفه) فعلى الغالب أن هؤلاء ليس لهم لحى ولا شوارب. أما أنت أيها الهندي فلعلك تأثرت بما قرأت أو سمعت من أمثال زبالة التاريخ هؤلاء الذين ليس لديهم قيم ولا مبادئ فرددت العبارة دون أن تراجعها وتفكر في دلالاتها و هذا ما جعلني أحملك على المحمل الحسن. لأنك تعلم أن العرب وصلوا لما تقوله وأكثر منه في العراق وقبلها ليبيا وهذا ما جعل أمريكا الموجهة من قبل اليهود تحارب و تدمر و تحتل وتقتل و تأسر لأنهم لا يريدوننا أن نصل إلى حلمنا ، وطبعا أنت تعلم أنهم ما وصلوا لشيء من ذلك إلا بمساعدة غير العرب أو المشكوك بنسبهم أو المطعونين في شرفهم.
وأختم كلامي للشاعر عبد الجليل فأقول له كن كما عهدناك شاعرا محلقا في الفضاء ترى النجوم كما ترى الجبال و ترى هامات النخيل.... وأنت القائل:
ولـكـم أصـبـحـت مـطـعـونـًا بـظـهـري بـعــدمــا أمـســيــتُ والـّـُدنــيـا لـَـدَيــّا
نعم إن مثلك لا يمكن لعدو أن يطعنه في صدره. رحم الله الشهيد صدام حسين و تقبله في الشهداء البررة و لعن قتلته.ِ