الشاعر
عدد الرسائل : 144 العمر : 58 الرسالة :
تاريخ التسجيل : 27/11/2008
| موضوع: تعليق على قصيدة (سابحة) للشاعر عبد الرحيم محمود الخميس يونيو 04, 2009 5:51 am | |
| ســــابحـــة للشاعر عبد الرحيم محمود
في موجة البحر ماست لحظة الفجر حسناء فاتنة معسولة الثغر
تـَسابـَقَ الموج ُ إذ يجتاحها قـــُبـَلا ً قد ذاب في موجه بحر من العطر
تنفس الشط من أزهارها عبقا وأقبل النحل كي يـُروى من الزهر
غيداء في لون شمس خطوها عجب ميساء في شفتيها حار بي شعري
لمـّـا يـُعانـِق ماءُ البحر فتنتها حلا به الماء لما مرّ بالنحر
في كل قطرة ماء لامست جسدا تناثر الورد في خصر الهوى العذري
لما تسارع ماء الموج قــَـبـَّلها سحر من البحر أو بحر من السحر
تحيـّر الورد هل يسقيك من أرج أم يسكب العطر فوق العطر يا عمري
فراح يهديك أوتارا معطرة وراح يسقيك راح َ الحب والسكر
لما مشيت أتاك الموج مرتبكا إذ كيف يلمس ساقا عاجه يغري
ساق يقـّبل وجه الماء قد سكرت ذرات رمل وصار الماء كالخمر
قد ثار أثباج أمواج الهوى ألقا لما تعانق موج الشوق بالصدر
وكيف يشرب حسنا طعمه عجب رمل على الشط أم موج من البحر
وباح ثوبك ثوب البحر عن فتن بركان عشق أضاع العمر في الهجر
في لونه الزيت بركان يعاصفني ويرسل السهم تلو السهم في نحري
وغار بدر السما من سحر فاتنة تزري مفاتنها بالشمس والبدر
لو مر طيفك ليلا قرب ساقية توقف الماء فيها لم يكد يجري
يا ويحها غادة تمشي فيتبعها نجم السماء ومال الشوق في الخصر
ترفرف الروح ليلا جنب مضجعها وتملأ الفل في أنفاسها يسري
سأنقش الحب في أجزائها وأرى نقشي على الماء مثل النقش في الصخر
حسناء أنت ومثل الشهد ريقتها هل تقبلين حروفي عاجل المهر
حتى أكون وشمسي فيك ذائبة نهرا من العشق أو كالعشق في النهر
ويصبح القلب في عينيك منجدلا في شـُهلها يرتوي شهدا بلا قسر
يستعذب القلب مأسورا بها فيـُرى مرفرفا جنحه من لذة الأسر | |
|
الشاعر
عدد الرسائل : 144 العمر : 58 الرسالة :
تاريخ التسجيل : 27/11/2008
| موضوع: رد: تعليق على قصيدة (سابحة) للشاعر عبد الرحيم محمود الخميس يونيو 04, 2009 5:54 am | |
| التعليق بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر الأستاذ عبد الرحيم محمود تحية إكبار مني لشاعريتك المتمكنة.
مررت بقصيدتك وكأنني أمر بروض من الزهر تشاكلت ألوانه وتمازجت أصناف عبيره من صور تقليدية تحمل عبق الماضي وروح الشعراء القدامى التي تعشش في دواخلنا وتأبى إلا أن تترك في تعابيرنا أثرا واضحا يلوح براياته قائلا هؤلاء أحفادي. ومن ذلك قولك :
حسناء فاتنة معسولة الثغر
وهو تعبير أصيل تردد على ألسنة الشعراء فكأنني أقرأ في روحك قول ابن نباتة :
معسولة الثغر إلا أنّ قامتها منسوبة القدّ للعسالة الذبل
وفي قولك:
وراح يسقيك راح َ الحب والسكر
كأنني أنظر إلى أبي نواس وهو يقول:
تسقيك من عينها خمرا ومن يدها خمرا فما لك في سكرين من بد
وفي قولك:
وغار بدر السما من سحر فاتنة
ألمح الحزن العميق الذي يسكن الشاعر عبد الرحيم البرعي في شوقه للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول فيه:
حبيب يغار البدر من حسن وجهه تحيرت الألباب في وصف معناه
وفي قولك :
حسناء أنت ومثل الشهد ريقتها
أجد عبق صالح بن إبراهيم الحكيم وهو يقول في الوصف:
معسلة الأنياب أما شـتـيـتـها فــدر وأمـا ريـقها فهـو جـريـال
يجـول على تلك اللآلي كأنه مذاب سليل الشهد أو هو سلسال
ولكنك لم تقف عند حدود ما حبانا به الأجداد من تعابير فبدت ذاتك المتألقة وقريحتك المبدعة في صور مبتكرة كقولك:
تـَسابـَقَ الموج ُ إذ يجتاحها قـــُبـَلاً قد ذاب في موجه بحر منالعطر
حيث كان البيت يشبه ومضة ملأت الدنيا من حولها ضياء. فالموج يتسابق كأشخاص إلى هذا الجمال، ويجتاح الجسد الجميل كجيش من العشق في قبل متتابعة ، والعطر بحر يذوب في موج هذا البحر. تعبير إبداعي أهنئك عليه وأقول على مثل هذا البيت تذوب قلوب الشعراء. وأما أسلوب التلاعب بالألفاظ في إبداع متميز فهو ملكة واضحة التمكن عندك من خلال الجمع بين اللفظين في هيئتين متضادتين تؤديان المعنى وتتألقان في تحبير المعاني كقولك:
حتى أكون وشمسي فيك ذائبة نهرا من العشق أو كالعشق في النهر
وقولك:
لما تسارع ماء الموج قــَـبـَّلها سحر من البحر أو بحر من السحر
ومع ذلك فقد لمحت غرابة في قولك:
فراح يهديك أوتارا معطرة
قد تبادر لتقول لي هذا مجاز وأنا أقدم لك معنى مبتكرا. وأقول لك صدقت لكن الابتكار له غاية بين القلب والعقل يعني إحساسا أو فكرة وأنا لا أجد ارتباطا بينهما إذ إن الأوتار لا علاقة لها بالعطر ولا يزيدها العطر جمال نغم ولا حسن ترنيم. فالرابط هنا مفقود.
وأخيرا أقف عند ( لما) في قولك:
لمـّـا يـُعانـِق ماءُ البحرفتنتها حلا به الماء لما مرّ بالنحر
والتي وقف عندها الشاعر عبد الجليل عليان. فـ (لما) الظرفية يا أخي لا تدخل على المضارع بل يجب أن يليها الماضي شرطا وجوابا. كقولك:
قد ثار أثباج أمواج الهوى ألقا لما تعانق موج الشوق بالصدر
فقد جاء (تعانق) و (حلا) ماضيين. وقولك: لما مشيت أتاك الموج مرتبكا أما التي تدخل على المضارع فهي النافية الجازمة والتي يمتد نفيها إلى زمن التكلم ومنفيها متوقع الحدوث بعكس (لم) وهذا الفرق بينهما. كقول الله تعالى:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " 142 آل عمران .
طبعا هذه هي لغتنا وهذه قواعدها. وفي الختام أقول لك كانت قصيدتك إبداعا في جل أبياتها وأغلب تعابيرها. ولا زلت متألقا نجما في سماء البيان. | |
|