"قال عمران بن حصين جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم.
فرد صلى الله عليه وسلم السلام ثم جلس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشرٌ .
ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله . فرد عليه الصلاة والسلام السلام وجلس وقال النبي الكريم : عشرون .
وجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد وجلس وقال عليه الصلاة والسلام : ثلاثون " .
فنفهم من ذلك أن السلام التام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، هذا السلام ينال ثلاثة أمثال السلام الأول ، هذه صيغةٌ من صيغ السلام .
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليها وسلم لها :
"هذا جبريل يقرأ عليكِ السلام قالت عائشة: وعليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته"
(رواه الشيخان)
إذاً كلمة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ورد السلام : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
هذه هي الصيغة التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لإلقاء السلام ورد السلام .
الصيغ الأخرى التي تعرفونها ، أنعِم صباحاً ، أنعِم مساءً ، عِم صباحاً ، عِم مساءً ، أسعد الله أوقاتكم ، أسعد الله صباحك ، أسعد الله مساءك ، هذه الصيغ التي يستعملها الناس الأولى منها أن نستعمل تحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . لأن السلام اسمٌ من أسماء الله عزَّ وجل .
وهناك تحيات يستخدمها المتفرنجون ، كلكم يعرفها ، هذه التحيَّات مكروهٌ استعمالها لأن فيها تقليداً للكفار ، واعتزازاً بهم ، واشتياقاً إلى أن يكون المُسَلِّمُ مثلهم ، التحيَّات التي يستخدمها الأجانب ، والتي أصبحت إلى حدٍ ما معرَّبة ، هذه التحيات يظنها بعض الناس دليل رقيٍ وحضارةٍ هذه في نظر الإسلام إلغاء ورد لتحية الإسلام ، واستبدال الذي أدنى بالذي هو خير ، وإن طرح السلام بصيغة سلام الأجانب نوعٌ من أنواع التشبُّه بهم والاعتزاز بهم فلنحذر منذ اليوم أفلا نطرح سلامهم ولا نرد التحية بمثل ردّهم .
الله سبحانه وتعالى يقول :
(سورة النساء: من آية 86)
بعضهم يقول : طرح السلام سُنَّة ، لكن رد السلام واجب ، أي إذا قال لك أحدهم : السلام عليكم . فهذا قد طبق السنة ، أما أنت إذا ألقي عليك السلام فردّك على هذا السلام واجبٌ والواجب كما تعلمون قريبٌ من الفرض ، بل هو عند بعض الأئمة هو الفرض نفسه .
والله سبحانه وتعالى حينما قال :
(سورة النساء: من آية 86)
ليس هناك فرقٌ بين أن يكون هذا الذي سلَّمت عليه مسلماً أو غير مسلم ، لأن الآية عامَّة ، ولا شيء يخصصها إلا بعض الأحاديث ، التي ترد بعد قليل .
النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البَيهقي يقول :
"إن الله تعالى جعل السلام تحيةً لأمتنا وأماناً لأهل ذمتنا".
أي أنك إذا سلمت على غير المسلم فهذه طريقةٌ من طرق بث الطمأنينة فيه ، وإذا سلَّمت على مسلم فهذا نوعٌ من أنواع التحية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها . استدل جمهور العلماء على أن رد السلام على كل مُسَلِّم مسلماً كان أو كافراً لا يختلفان إطلاقاً ، فأنت إذا ألقي عليك سلام يجب أن ترد على هذا السلام ولا يعنيك من هو المُسَلِّم .
منقول من كتابات د محمد راتب النابلسي